Science benha | منتديات كلية علوم بنها|خدمات علوم بنها| اسلاميات| برامج | صور| افلام | mp3
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


Science benha | منتديات كلية علوم بنها|خدمات علوم بنها| اسلاميات| برامج | صور| صوتيات ومرئيات | mp3
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
المواضيع الأخيرة» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 11:09 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» مركز اللغات بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 11:07 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» وكالة البحوث والتطوير بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 11:05 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» مجمع مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 11:04 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» كلية العلوم المالية والإدارية بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 11:02 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» كلية العلوم الإسلامية بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 11:01 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» جامعة المدينة العالمية [MEDIU] ماليزيادرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 10:59 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» المكتبة الرقمية بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 10:57 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» عمادة الدراسات العليا بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 10:55 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة المدينة العالميةدرجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty الثلاثاء يوليو 21, 2015 10:49 pm من طرف ‎أبو أنس الحضرمي
>

شاطر
 

 درجات الصاعدين الي مقامات الموحدين

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
العاشقه الصغيره
:: شـاب افضل فعال ::
:: شـاب افضل فعال ::
العاشقه الصغيره

انثى
الْمَشِارَكِات : 205
الْعُمْر : 29
الْنِّقَاط : 573
السٌّمعَة : 0

درجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Empty
مُساهمةموضوع: درجات الصاعدين الي مقامات الموحدين   درجات الصاعدين الي مقامات الموحدين Emptyالخميس أكتوبر 21, 2010 8:01 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الشيخ الحفظى

الحمد لله الغنى الحميد، وصلى الله سيدنا محمد المبعوث بالقرآن المجيد وصحبه وصالح العبيد.

أما بعد:
فهذه ثمان درجات يرقى بها المستفيد الى معارج علم التوحيد، ويصعد عليها السالك الى مدارج حكم التفريد، ويجاز بها دركات الشرك والتفنيد، ويطلع عليها الجاهل من أسل سافلين الى أعلى عليين، وسميتها درجات الصاعدين الى مقامات الموحدين.








الدرجة الأولى

إن أصل البعثة ورأس الدعوة هو توحيد الألوهية، الذى هو إفراد الله بالعبادة ونفى الشرك عنها، والدليل على ذلك قوله تعالى فى أول اية نادى بها النبى صلى الله عليه وسلم:
(ياأيها المدثر*قم فأنذر* وربك فكبر*وثيابك فطهر* والرجز فاهجر) (1) وفى التفاسير أن الرجز هى الاوثان، والهجر: هو الترك، وفى الحديث النبوى ما يدل على أن عبادة الشئ، وثناً فى قوله صلى الله عليه وسلم:
"اللهم لا تجعل قبرى وثناً يعبد" (2) وقال سبحانه وتعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون، ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن انذروا أنّه لا إله الا أنا فاتقون) (3).
قيل : مروهم بلا إله الا الله، ذكره البغوى رحمه الله فى تفسيره (4) وقال سبحانه:
________________
(1) أول سورة المدثر
(2) أخرجه الامام أحمد فى مسنده ج2/246 – عن ابى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبرى وثناً، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
وأخرجه مالك فى الموطأ / كتاب قصر الصلاة فى السفر عن عطاء بن يسار: بلفظه وزاد "وثناً يعبد".
(3) أول سورة النحل.
(4) حيث قال "معناه مروهم بقول لا اله إلا الله منذرين مخوفين بالقرآن ان لم يقولوا" ج5/39 ابن كثير والبغوى.

(ولقد بعثنا فى كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) (1).
وقال سبحانه وتعالى فى سورة الانبياء:
(وما أرسلنا من قبلك من رسول الا نوحى اليه أنه لا إله الا أنا فاعبدون) (2).
والطاغوت : أسم عام لما يعبد من دون الله، فطاغوت كل قوم معبودهم من دون الله، او متبوعهم على غير بصيرة من الله، او مطاعهم فى معصية الله، او حاكمهم بغير ما أنزل الله (3).
وهذه الادلة فى بيان دعوة كل رسول، قال تعالى:
(إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله) (4).
وأما التفصيل فقال سبحانه وتعالى فى سورة نوح:
بسم الله الرحمن الرحيم: (إنا أرسلنا نوحاً الى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم، قال يا قوم إنى لكم نذير مبين، أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون) (5).
ومعنى الانذار : الأمر بالعبادة التى هى التوحيد، والتقوى والطاعة،
¬¬¬________________
(1) الآيتان : 36،37 من سورة النحل.
(2) الآية : 25
(3) قال شيخ الاسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب.
(4) ألآية : 14 من سورة فصلت.
(5) الآيتان : 1 ، 2


وذكر الله سبحانه وتعالى ما قاله نوح عليه السلام، فى سورة نوح وما قاله قومه:
(وقالوا لاتذرن ألهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا) (1) وهذه أسماء قوم صالحين ماتوا جميعاً، فحزنوا عليهم ونصبوا صورهم، وكان يعكفون عليها ويعبدونها (2) بعد طول المدة، وكان ذلك أول شرك بنى آدم، وسببه الغلو فى الصالحين.
وهذه الصور أصولاً لأصنام قريش ايضاً، وقال تعالى فى إبراهيم الخليل عليه السلام فى سورة العنكبوت:
(وإبراهيم إذ قال لقومه أعبدوا الله وأتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، إنما تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق وأعبدوه وأشكروا له إليه ترجعون) (3) وقال سبحانه فى سورة الشعراء:
(وأتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون، قالو نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين، قال هل يسمعونكم إذ تدعون او ينفعونكم أو يضرون، قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، قال افرأيتم ما كنتم تعبدون، أنتم وآباؤكم الأقدمون، فإنهم عدو لى إلا رب العالمين) (4).
ففى هذه الآيات، أن عبادة أصنامهم هى العكوف عليها، وأنهم لا
____________
(1) ألآية : 23.
(2) فى المخطوطتين: ويعبدونهم، والصواب ما ذكرنا عطفاً على ما قبلها.
(3) الآيتان : 16، 17.
(4) ألآيات : 69 : 77.

ينفعون ولا يضرون، وأنهم حملهم على ذلك إتباع آبائهم، وأن إبراهيم عليه السلام قال:
(إن العابد والمعبود عدو له إلا رب العالمين)، وقال سبحانه وتعالى فى سورة الممتحنه:
(لقد كانت لكم أسوة حسنة فى ابراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابداً حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه ) (1) ألآية.
وهذه الآية فيها وجواب البراءة منهم والكفر بهم وظهور العداوة والبغضاء حتى يؤمنوا بالله وحده فالغاية التى ينتهى (2) عندها هذه الأمور هى الإخلاص فى العبادة والتصديق بالله والإذعان له (3) وقال الله تعالى فى سورة الزخرف:
(وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون، إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين) (4) (وهذه الكلمة الباقية فى عقبه هى (5)) معنى (لا إله الا الله)، إذ معناه (6) يعنى أننى براء منكم (النفى)، وقوله إلا الذى فطرنى، (الاثبات)، ذكر هذا البيهقى فى كتاب (الاسماء والصفات) (7) وقال الله تعالى فى سورة النحل:
¬¬_________________
(1) ألآية : 4.
(2) فى ى : ينتهى.
(3) فى ي : والتصديق والذعان لله.
(4) الآيات : 26، 27، 28.
(5) فى الأصول : وهذه الكلمة الباقية فى عقبه وهى معنى : وقد حذفت هى الأولى والواو من الثانية: لسيتقيم المعنى.
(6) فى ى : إذ معاه. وفى س : إذ مجازه. والصواب ما ذكرت.
(7) لم أقف على كتاب البيهقى.

(ثمّ اوحينا أليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) (1).
ومعنى الخطاب يقتضى العموم، فهذه ملة أبينا إبراهيم أيها السالكون، وهذه سنة نبينا – عليهما السلام أيها المتبعون، قال تعالى :
(ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابنى إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (2).
وقال سبحانه وتعالى فى سورة الانعام:
(وتلك حجتنا أتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى والياس كلاً من الصالحين، وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العالمين، ومن ابائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم، ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) (3).
وهاهنا أسكب (4) العبرات، إذا كنت من أهل الاعتبارات، لمعانى العبادات.
والحجة التى أوتى إبراهيم على قومه : قال مجاهد (5) هى قوله تعالى:
_________________
(1) الآية : 123.
(2) ألاية : 132
(3) الآيات 83 – 88
(4) فى الأصول : يسكب، والصواب ما أثبتناه.
(5) قلت : قال الطبرى فى تفسيره بسنده عن مجاهد (وتلك حجتنا أتيناها إبراهيم على قومه) قال : هى (الذين أمنوا ولم يلبسوا غيمانهم بظلم) وبسند أخر قال : قال إبارهيم حسن سأل: أي الفريقين أحق بالأمن؟ هى حجة إبارهيم على قومه وقوله (أتينا إبراهيم) يقول "لقناها إبراهيم وبصرناه إياها" ج 7/259

(والذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) (1) ذكره البغوى، والظلم ها هنا هو الشرك، ذكره البخارى فى صحيحه فى كتاب التفسير (2)، وقيل هى التى احتج بها إبراهيم على قومه من أقوال الكواكب وغيرها.
وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين:
(ولقد أوحى اليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم والمراد (5) أمته.
وقال الله تعالى فى سورة الأعراف.
(لقد ارسلنا نوحاً الى قومه فقال ياقوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) (6).
__________________
(1) الآية : 82 من سورة الانعام.
(2) قلت أخرج البخارى عن عبد الله بن مسعود (رضى الله عنه) قال لما نزلت (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قال أصحابه : يعنى أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: وأينا لم يظلم؟ فنزلت (إن الشرك لظلم عظيم) فتح البارى ج 8/65.
(3) زيادة اقتضى السياق إثباتها.
(4) الآيتان 65 ، 66 من سورة الزمر.
(5) قال الامام الطبرى وغيره من المفسرين وقال "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بعبادته، بل الله فاعبد دون كل ما سواه من الآلهة والاوثان والأنداد (وكن من الشاكرين) لله على نعمته عليك بما أنعم من الهداية لعبادته...) الخ ج 23/24.
(6) الآية : 59.





وقال تعالى (والى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره أفلا تتقون) (1)
وقال سبحانه وتعالى:
(والى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره) (2) وقال الله تعالى : (والى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره) (3) وذكر (سبحانه) (4) لوطاً عليه السلام، ثمّ قال عز من قائل عليهم فى بيان دعاء أكثر الرسل الى التوحيد:
(ثمّ بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا الى فرعون وملائه) (5) الى أخر ما قصه الله (عز وجل) (6) فى سورة الأعراف من دعوات الرسل عليهم السلام، وختم ذلك (سبحانه) (7) بذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى:
(قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعاً الذى له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحى ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته وأتبعوه لعلكم تهتدون).
وقال الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم: (الر كتاب أحكمت آياته ثمّ فصلت من لدن حكيم خبير الا تعبدوا الا الله أننى لكم منه نذير وبشير)، فتفكر فى الدعوة، ما هى؟ فقد قص الله علينا فى كتابه العزيز دعوة الرسل من
¬¬_____________
(1) الآية : 65 من سورة الأعراف (2) الآية : 73 الأعراف
(3) الآية : 85 الأعراف (4) زيادة اقتضى السياق إثباتها.
(5) الآية : 103 الأعراف (6) زيادة اقتضى السياق إثباتها.
(7) زيادة اقتضى السياق إثباتها. (8) الآية : 158 من سورة الأعراف
(9) الآيتان : 1 ، 2 من سورة هود.

أولهم الى أخرهم، صلوات الله عليهم أجمعين، والله سبحانه وتعالى يقول فى سورة هود:
(وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما ثبت به فؤادك وجاءك فى هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين) (1).
فانظر أيضاً ما فى أنباء الرسل من الفوائد العظيمة : (والله يدعوا الى دار السلام ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم) (2).
وفى أول صحيح البخارى، عن ابن عباس فى حديث سفيان فى قصة هرقل أنه قال (3).
"ما يأمركم به، قلت يقول أعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم" (4).
وحديث عمر بن عنبسة فى صحيح مسلم فى قوله : ما ارسلك الله به قال عليه الصلاة والسلام :"أرسلنى بصلة الارحام، وكسر الاوثان، وأن يوحدوا الله ولا يشركوا به شيئاً) (5).
فانظر الى ما ذكر فى الصحيحين فى معنى الدعوة والرسالة، وأنه توحيد
________
(1) الآية : 120 من سورة هود.
(2) الآية : 25 من سورة يونس.
(3) أخرجه البخارى فى الصحيح حديث (السابع) فتح البارى ج1/31 بلفظ "لا ابا سفيان يساله ما يأمرهم محمد فى أول بعثته قلت : يقول واعبدوا الله وحده .... الحديث.
(4) قلت : الحديث طويل أنظره فى فتح البارى ج1/32 وهو الحديث السابع فى كتاب بدء الوحى.
(5) عن عمر بن عنبسة رضى الله عنه قال : دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم بمكة، (يعنى فى أول النبوة) فلت له : ما أنت ؟ قال "بنى" قال : "ارسلنى الله فقلت بأى شئ ارسلك؟ قال : أرسلنى بصلة .........." الحديث.


الالوهية وترك الشرك، ورفض ما عليه الاباء، لو كانوا مشركين، وتفكر فيما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بعد النبوة وقبل الهجرة، ما كانوا يدعون الناس إليه وينهونهم عنه، والقرآن ينزل عليه عشر سنين، والناس ما بين مقبل ومدبر، والموالاة والمعاداة قائمة بين المقر والمنكر، و مكث على ذلك عشر سنين، من اتبعه وأطاعه فهو الموحد الناجى، ومن عصاه وخالفه، فهو المشرك الهالك، وليس إذ ذاك صلاة ولا صيام، فضلاً عن غير هما من شرائع الاسلام، ولا هناك نهى عن شئ من الكبائر، تقام فيه الحدود والأحكام، ومات على ذلك كثير من الفريقين، فريق فى الجنة وفريق فى السعير. فإذا تفكرت يا أخى، ظهرت لك الفائدة، وعاد عليك النظر بأحسن فائدة، وتبين لك أن الذى طلبه الرسول صلى الله عليه وسلم (1) منهم هو توحيد الالوهية، وإفراد الله بالعبادة، وأن الذى نهاهم عنه، هو الشرك بالله فى العبادة، من الذبح، والاعتقاد، والعكوف ونحو ذلك، وأنهم مشركون بذلك، يعاديهم عليه ويحاربهم (3) فيه، من غير نظر الى بقية المعاصى، الكبائر والصغائر، وأن أصحابه هم الموحدين بترك ذلك، وصرفه لله دون غيره، يواليهم عليه، ويدعوهم اليه من غير نظر الى غيره، من الطاعات والواجبات، والمندوبات، وبهذا التقرير، يحصل التأثير وتنقشع ظلمة الجهل بهذا التنوير.
___________________
(1) زيادة أقتضى السياق إثباتها.
(2) أي : من الكفار، كفار قريش خاصة فى بدء الدعوة.
(3) ودليله ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أمرت أن اقاتل الناس حتى يشدوا أن لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا، عصموا منى دمائهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله)، أنظر من صفحة 43.

قال تعالى : (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) (1).














____________________

(1) الآيتان: 57، 58 من سورة يونس.



الدرجة الثانية

إن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية، الذى هو الإفراد بأفعال الله، وصفاته، واتصافه بذلك دون غيره، كالخالقية، والرازقية، والملكوتية، وغيرها من صفات الربوبية، وأن غيره مربوب له، ومخلوق له، ومرزوق ومتصرف فيه، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرا، ولا موتاَ ولا حياةً ولا نشورا، وأنهم مقرون بذلك، وإن ذلك لم يدخلهم فى الاسلام، ولم يحرّم دماءهم وأموالهم لانتفاء شرطه وشطره، من توحيد الألوهية، والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى فى سروة يونس:
(قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال فأنى تصرفون) (1).
وبتفهم الآية تفريقهم بين الربوبية والألوهية، أنهما حيث اجتمعا افترقا وحيث افترقا اجتمعا، وعلى هذا سؤال القبر فى قوله من ربك، أي : من ألهك، لان توحيد الربوبية لا يمتحن بها، وكذلك قوله تعالى:
(قل أغير الله أبغى ربا) (2) أي إلهاً، وأما افتراقهما فقوله تعالى:
(قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس) (3) فاعرف هذا، وقال سبحانه فى سورة المؤمنين.
(قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا
______________
(1) الآيتان : 31، 32 من سورة يونس (2) الآية : 164 من سورة الانعام.
(3) أول سورة الناس.

تذكرون، قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون، قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون، بل اتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون، ما أتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) (1).
والاستفهام هنا للتقرير، وقد اخبرنا بما يقول العليم الخبير، وقال فى سورة العنكبوت:
(ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله، قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون) (2) (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) (3) وتفسير هذه الآية إيمانهم بتوحيد الروبية، وشركهم فى توحيد الألوهية، وهنا اجتمع الشرك والأيمان اللغوى، وقال تعالى فى سورة الزخرف:
(ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون) (4) وقال سبحانه وتعالى :
(ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) (5).
بل هذا فرعون مع أن دعواه أقبح دعوى، يقول الله فيه حاكياً عن موسى عليه السلام:
(لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر) (6) وقال
______________
(1) الآيات : 84 – 91 من سورة المؤمنون. (2) الآية : 63
(3) الآية : 106 من سورة يوسف. (4) الآية : 87
(5) الآية : 9 من سورة الزخرف. (6) الآية : 102 من سورة الاسراء

إبليس اللعين :
( إنى أخاف الله رب العالمين) (1) فبعث الله النبى محمداً، صلى الله عليه وسلم، يدعوهم الى الله، بأن يفردوه بالعبادة كما أفردوه بالربوبية، وأن يفردوه بكلمة لا إله الا الله، معتقدين معناها، عاملين بمقتضاها، لا يدعون مع الله أحداً، ولم ينكر المشركون على الرسل، إلا طلبهم إفراد العبادة لله وحده، ولم ينكروا الله ولا أنه يعبد بل أنكروا كونه يفرد.
(وقالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا) (2).
وعبادتهم العكوف عند معابدهم، والهتوف عند شدائدهم والذبح لها، مع اعتقادهم أن صفات الربوبية لله وحده، ليس لشركائهم منها شئ، وأنهم يريدون التقرب بذلك والشفاعة عند الله، فبين شرك أهل زماننا وشرك الأولين فروق أربعة:
الأول أنهم لا يشركون فى توحيد الربوبية، ولا يشركون فى الشدة، ويردون الشفاعة والقربة، ويطلبون من الله سبحانه بواسطتهم، ومشركو زماننا يفرقونهم فى هذه الأربع، والدليل على الأولى، ما مر آنفاً فى إقرارهم بتوحيد الربوبية، والدليل على أنهم لا يشركون فى الشدة قوله تعالى:
(وما بكم من نعمة فمن الله ثمّ إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثمّ اذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون، ليكفروا بما أتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) (3) وقال تعالى:
(وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه، فلما نجاكم الى البر أعرضتم وكان الانسان كفورا) (4) وقال تعالى :
______________
(1) الآية : 16 من سورة الحشر. (2) الآية : 70 من سورة الأعراف.
(3) الآيات: 53 - 55 من سورة النحل. (4) الآية : 167 من سورة الإسراء.

(فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون) (1).
وهذه اللام لام العاقبة عند النحويين أي : عاقبة شركهم الكفر والتمتع، ودليل أنهم يريدون الشفاعة ويطلبون القربة، قوله:
(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار)(2).
والتقدير أي : قائلين ما نعبدهم الى أخره، وقال تعالى:
(ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، قل أتنبئون الله بما لا يعلم فى السموات ولا فى الأرض) (3).
وهذه الادلة هى دليل للمسألة الرابعة، أنهم يريدون من الله سبحانه لا منهم بل أرادوا الوسطاء فى هذا شركاً (4)، وتأمل أيها الناظر حال مشركى زماننا فى هذه الأربع، أنهم أشركوا فى صفات الربوبية، وفى الشدة، وطلبوا من معابدهم وأرادوا المطالب منهم، ويا عجباه من هذا.
والفطرة السليمة والعقول المستقيمة تدل عليه ضرورة، ولولا ان الشياطين إجتالت قلوب المشركين وغيرت الفطرة، وهذا هو الواقع وقد اشرقت المطالع وظهرت الأدلة للقارئ، والله سبحانه وتعالى يقول : (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) (5).
_______________
(1) الآيتان : 65 و66 من سورة العنكبوت. (2) الآية : 70 من سورة الزمر.
(3) الآية : 18 من سورة يونس. (4) زيادة أقتضى السياق إثباتها..
(5) ألآية : 39 من سورة القمر.

الدرجة الثالثة

إن الإلهية هى العبادة ومعناها التوحيد، وقال ابن عباس (رضى الله عنهما) : كل ما ورد فى القرآن من العبادة ، فمعناها التوحيد، وقال تعالى فى سورة الذاريات (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون)(1) أي : يوحدون، وقال رب الارباب فى فاتحة الكتاب : (وإياك نستعين) أي نوحدك ونطيعك، وتقديم المعمول يفيد الحصر والاختصاص، كما ذكره علماء البيان، ومثل ذلك قوله تعالى :
(إياي فاعبدون) (2) وهذا يتضمن الأمر بالعبادة لله وحده، والنهى عن الشرك، فالضمير الظاهر المقدم يفيد النهى عن الشرك، وفعل الأمر يفيد وجوب العبادة لله تعالى، مثل قوله تعالى : (وأعبدوا الله وتشركوا به شيئاً) (3) وقال عز من قائل فى سورة البقرة (وفى) أول اية فيها نداء : (يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) (4) أي وحدوا ر بكم كما قاله المفسرون، وقوله تعالى:
(قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون) (5) الى أخر السورة التى تسمّى سورة الاخلاص، أى إخلاص التوحيد العملى، فالعبادة فيها :
وهى التوحيد وهى الدين المرضى ايضاً، وكرر النفى ليعم الماضى والمستقبل.
_____________
(1) الآية : 56. (2) الآية : 56 من سورة العنكبوت.
(3) الآية : 36 من سورة النساء. (4) الآية: 21.
(5) أول سورة الكافرون.

والتكرير يوجب التأثير خصوصاً أن الشرك العملى، يحتاج فى قلعه الى مثل هذا.
والمراد هنا أن العبادة هى الالهية المختصة بالله.
والعبادة فى اللغة : غاية التذلل والخضوع (1).
وشرعاً : ما أمر الشرع به من أفعال العباد وأقوالهم، المختصة بجلال الله وعظمته.
وهلى اسم جنس يشتمل على أنواع كثيرة، وأصل العبودية : الخضوع والذل والتعبد والتذلل.
_________________
(1) قال ابن منظور فى لسان العرب: "قوله تعالى (إياك نعبد) أي نطيع الطاعة التى يخضع معها .... الى
أنظر اللسان بترتيب يوسف خياط، ج2/664، 665.
قلت : وإنه لمما يؤسف له أن أناساً من المسلمين يصرفون بعضاً من أنواع العبادة لغير الله فإنه قيل مما هو؟ قلت : الركوع، الذى ذهب المقلدون من المسلمين الى تقليد الكافرين والتشبه بهم وصرف هذا النوع من أنواع العبادة للمخلوقين وهو حرام وشرك، كيف لا وأنت ايها الفاعل لذلك قد فعلته عندما تودع لك صديقاً مسافراً او تستقبل أخر مقبلاً او تسلم على ذى منصب عالٍ فى مكتبه او وهو يسير فى طريقه من مكان الى مكان، فإن قلت لم افعل من ذلكم من شئ قلنا : لقد شاهدنا فى شاشة التلفاز وأنت تستقبل ضيفاً قادما بعد ان تسلم عليه تنحنى له نصف انحناءتك فى ركوعك للصلاة، وشاهدناك فى الوداع مثل ذلك، كما شاهدنا كثيراً مثلك يفعلون المحافل والمهرجانات الكبيرة والصغيرة، لذا وجب علينا نصحك وتذكيرك، هذا عنصر من عناصر العبادة أختص الله بذلك نفسه فلا يجوز صرفه لغيره، ومن فعل من ذلك من شي فقد اشرك مع الله، نسأل الله العافية والسلامة.
إن كنت ممن يفعلون من ذلك من شئ فبادر بالتوبة الى الله الواحد الديان الخالق الرازق المستحق للعبادة وحده، قبل ان تموت وأنت على ذلك فتصبح من الهالكين.
فلقد علمنا أن ذلك من التعظيم للمخلوقين، والتعظيم كذلك لا يكون الا لله وحده فاعلم ذلك.





والعبادة (1) والطاعة (2) ومنها الاستغاثة(3) والذبح (4) والنذر (5) ونحوها.
وقد يجتمعان ويفترقان، أعنى الطاعة والعبادة:
فإن قيل ان الذم بالتكفير ورد من عبد الاصنام والأشجار والأحجار او عبد الطاغوت من الكهان او الشيطان، فكيف يكون ما نزل فيهم، فيمن عبد الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين؟
فالجواب : إن ما يعبد به الاصنام من الدعاء والذبح والاعتقاد هو الذى يفعل للأولياء وغيرهم، والذى يطلب منهم هو الذى يطلب من اؤلئك المذمومين، وفعل المشركين الآخرين، فقد استوت الكفتان وتشابهت الطائفتان، وإذا استوى الاصل والرفع فى العلة، استويا فى الحكم، فكيف إذا وجد النص
________________
(1) قلت : قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) والعبادة اسم جامع لما يحبه الله، من الاقوال والأفعال والأعمال، ثمّ ذكر منها الدعاء والاستعانة، والاستغاثة، والذبح والنذر .... ثمّ عدد لها أكثر من ستة عشر نوعاً، وقال : لا يجوز صرف شئ منها لغير الله، أهـ.
(2) الطاعة: هى الانقياد وتنفيذ الأمر، وقال فى القاموس المحيط : طاع انقاد وطوع يديك منقاد لك ج3/108.
(3) فلا يجوز ان يستغاث بغير الله، لقوله تعالى : (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم) الانفال (9).
(4) يحرم أن يذبح لغير الله، لقوله تعالى (قل ان صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له).
(5) النذر كله لله : لقوله تعالى : (ويوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا) الدهر : 7.
(6) وسائر العبادة كلها لله وحده لا شريك له، قال تعالى : (فلا تدعوا مع الله أحدا) وقال سبحانه : (وله دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ) فمن صرف منها شئ لغير الله فقد اشرك، وكل أعماله مردودة غير مقبولة، ويموت ويخلد فى النار، وقال تعالى : (ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).



المقدم على القياس، إذا فقد ارتفع الاشكال والالتباس، وإذا لم يبق الا النظر بين عباده الصالح والطالح، فهاك الدليل الواضح.
(الرحمن*علم القرآن*خلق الانسان*علمه البيان* الشمس والقمر بحسبان* والنجم والشجر يسجدان* والسماء رفعها ووضع الميزان* الا تطغوا فى الميزان* وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) (1).
والدليل العام قوله تعالى:
(قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا) (2) وقال تعالى فى سورة سبأ:
(قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض ومالهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير، ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له) (3).
ففى هذه الآية نفى ما يتعلق به المشركون من الملك، والشرك، والظهير، الشفاعة بغير إذنه، وقال تعالى :
(أؤلئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه) (4).
وقد ذكر السلف (5) أن هذه الآية نزلت فيمن يعبد عزيز (6) والمسيح ونحويهما
______________
(1) الآيات : من 1 الى 9 من سورة الرحمن.
(2) الآية : 56 من سورة الاسراء.
(3) الآيتان : 22 و23 من سورة سبأ.
(4) الآية : 57 من سورة الاسراء.
(5) قال بذلك الإمام الطبرى، عن ابن عباس ومجاهد قالوا هذه الآية : (أولئك الذين يبتغون الى ربهم الوسيلة......) الآية، عيسى ابن مريم وأمه وعزيز.
(6) قلت واخبر سبحانه عن اليهود فقال : (وقالت اليهود عزيز ابن الله)، وقال كنيرهم فنحاص بن عازوراء، انظر تفسير الطبرى ج10/110 وج 15/105 وأبى السعود ج 2/42.

ولفظة الذين من صيغ العموم، وأما الدليل الخاص فقال سبحانه فيمن عبد الملائكة:
(ويوم يحشرهم جميعاً ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) (1).
فان قيل قد كانوا يعبدون الملائكة، فكيف قال يعبدون الجن؟
قيل : معنى يعبدون هنا : يطيعون الجن فى عبادة الملائكة، قال تعالى فيمن عبد موسى عليه السلام:
(يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم) (2). وقال تعالى فى عيسى والذين عبدوه) (3).
(وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله) (4) وقال تعالى:
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح أبن مريم) (5) وقال سبحانه وتعالى:
(ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين اربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) (6).
_________________
1. الآيتان 40، 41 من سورة سبأ.
2. وردت هذه الآية فى المخطوطتين هكذا (يا بنى إسرائيل لا تغلوا فى دينكم) والصحيح كما اثبتنا. أنظر الآية : 171 من سورة النساء، والآية : 77 من سورة المائدة.
3. زيادة اقتضى السياق إثباتها ليستقيم المعنى.
4. الآية : 116 من سورة المائدة.
5. الآية : 17
6. الآية : 80 من سورة آل عمران.




الدرجة الرابعة

إن الاله هو المعبود بإجماع أهل العلم، والدليل على ذلك قوله تعالى فى سورة الزخرف:
(وهو الذى فى السماء اله وفى الأرض إله) (1)، يعنى معبوداً يعبد فى السماء ويعبد فى الارض، قال قتاده (2) ولا يصح غيره، وقال سبحانه وتعالى فى سورة الانعام:
(وهو الله فى السموات وفى الأرض) (3) أي : اله معبود فى السموات، ومعبود فى الارض، وقال تعالى فى سورة الجاثية:
(افرأيت من اتخذ الهه هواه) (4) وقال فى سورة (ص) حكاية عن قريش أنه لما قال صلى الله عليه وسلم "أتعطونى كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم" فقل أبو جهل : لله ابوك لنعطينكها وعشر أمثالها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا لا إله الا الله" فتفقروا من ذلك وقاموا، وقالوا :
________________
الآية : 84 من سورة الزخرف.
أنظر تفسير الطبرى ج25/104 فقد أخرج بسنده من طريقين عن قتاده.
الآية : 3 من سورة الانعام
الآية : 4 من سورة الجاثية.
أخرجه الطبرى فى تفسيره بسنده عن ابن عباس قال : مرض أبو طالب، فأتاه رسول الله صلى عليه وسلم يعوده وهم حوله يعنى قريش جلوس، وعند رأسه مكان فارغ، فقام أبو جهل فجلس فيه، فقال أبو طالب يا أبن أخى ما لقومك يشكون؟ قال : "يا عم أريدهم على كلمة تدين لهم بها العرب، وتؤدى اليهم بها العجم الجزية" قال : ما هى : قال "لا إله الا الله" فقاموا وهم يقولون : (ما سمعنا بهذا فى الملة الآخرة ....) وفى لفظ (أجعل الآلة اله واحد إن هذا لشئ عجاب) ج23/125 وذكره ابن كثير فى تفسيره ج 6/47 ,اخرجه وأخرجه الترمزى فى جامعه حديث رقم (3222) وقال حديث حسن صحيح.

(أجعل الآلهه إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب) ذكر هذا البغوى (1) رحمه الله، وقال سبحانه فى سورة الزخرف.
(وقالوا أألهتنا خير ام هو ما ضربوه لك إلا جدلا) (2) وفى سورة الطور قال سبحانه:
(أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون) (3) وقال تعالى:
(وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال انكم قوم تجهلون، إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون، قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين) (4) وقال سبحانه.
(وإذ قال ابراهيم لأبيه آزر أتتخذ اصناماً آلهة إنى أراك وقومك فى ضلال مبين) (5) وقال تعالى فى سورة طه حكاية عن قوم موسى للسامرى:
(وأنظر الى إلهك الذى ظللت عليه عاكفاً لنحرقنه ثمّ لننسفنه فى اليم نسفا إنما إلهكم الله الذى لا إله إلا هو وسع كل شئ علما) (6) فلما عكف السامرى على العجل صار إلها بزعمه، لأن العكوف عبادة له، وقال تعالى فى سورة البقرة:
(فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون) (7)، أي شركاء، وقال ابن
__________________
(1) هذه الرواية ذكرها البغوى فى تفسير ابن كثير والبغوى ج 7/180 والآية :5 من سورة ص.
(2) الآية 58 من سورة الزخرف.
(3) الآية : 43.
(4) الآيات : 138 – 140 من سورة الأعراف.
(5) الآية : 74 من سورة الانعام.
(6) الآيتان : 97، 98 من سورة طه.
(7) الآية : 22 من سورة البقرة.

مسعود وابن عباس : أكفاء الرجال يطيعونهم فى معصية الله، وقال سبحانه وتعالى فى سورة البقرة:
(ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله) (1)، قال مجاهد عند قوله تعالى :
(يعبدوننى ولا يشركون بى شيئا) (2) أي لا يخافون غيرى (3)، وقال فى سورة براءة:
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا الا ليعبدوا إلها واحداً لا إله الا هو سبحانه عما يشركون) (4) ففى تفسير الآية عن عدى بن حاتم : " ان عبادتهم طاعتهم فى المعصية" (5)، وقال أبو العالية، ومنه قولهم : لا نسبق علماءنا :
"ما أحلوه حل وما حرموه حرم" (6)، وقال سبحانه وتعالى :
__________________________
1. الآية : 165 من سورة البقرة.
2. الآية : 55 من سورة النور.
3. أخرج الطبرانى بسنده عن ليث عن مجاهد : قوله (يعبدونى لا يشركون بى شيئا) قال : (لا يخافون غيرى) ج 18 / 160.
4. الآية : 31 من سورة التوبة.
5. أخرج الطبرى فى تفسيره بسنده عن عدى بن حاتم رضى الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى عنقى صليب من ذهب فقال : "يا عدى أطرح هذا الوثن من عنقك"، قال : فطرحته وانتهيت اليه وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال : قلت : يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم، فقال "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟" قال قلت : بلى، قال "فتلك عبادتهم" وأخرج الطبرى أيضاً بسنده عن حذيفه (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) قال : لم يعبدونهم، ولكنهم أطاعوهم فى المعاصى أ هـ ، ج 10/114، 115.
6. أخرج الطبرى فى تفسيره بسنده عن ابى العالية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباً) قال : قلب لأبى العالية : كيف كانت الربوبية التى كانت فى بنى إسرائيل ؟ قال قالوا : ما أمرونا به أئتمرنا، وما نهونا عنه انتهينا لقولهم .... ) ج 10/115.


(وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) (1) لما حللوا لهم الميتة، وقالوا ما ذبح الله حلال، وفى تفسير قوله تعالى :
(قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله) (2).
قال ابن جرير (3) : "يعنى يطيع بعضنا بعضاً فى معصية الله"، وفى سورة الذاريات :
(ولا تجعلوا مع الله إلها أخر إنى لكم منه نذير مبين) (4)، وقال تعالى فى سورة الشعراء حكاية عن قول فرعون لموسى :
(لئن اتخذت الها غيرى لأجعلنك من المسجونين) (5) وقال فى - سورة العقود- سورة المائدة :
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) (6) ، وقال فيها : (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله الا إله واحد) (7)، وقال سبحانه :
(ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم أنظر أنى يؤفكون. قال
_________________
1. الآية : 121 من سورة الانعام.
2. الآية : 64 من سورة آل عمران.
3. فى تفسيره ج 3/304 : بسنده عن حجاج قال : (قال ابن جريج : (ولا يتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله" يقول : لا يطع بعضنا بعضا فى معصية الله، ويقال : ان تلك الربوبية أن يطيع الناس سادتهم، وقادتهم فى غير عبادة، وان لم يصلوا لهم). أ هـ.
4. الآية : 51 من سورة الزارايات.
5. الآية : 59 من سورة الشعراء.
6. الآيتان : 72 و73 من سورة المائدة.

أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم) (1).
ففى هذه الدرجة تعريف الإله وانه المعبود، وقيل : هو الذى يطاع محبة وخوفاً ورجاء وتوكلا، وهو اسم صفة لمن يعبد، ومن أعظم أنواع العبادة الدعاء ، والمحبة – كحب الله – وأما (2) الطاعة فى المعصية، والعكوف فيها فإنه يكفر من يسمى الله غير الله أو قال :
(ثالث ثلاثة) فإذا عبده ولم يسمه إلها وسماه نبياً، او صالحاً أو أولياء او إماما أو شجراً أو حجراً، فالأسماء لا تغير المعانى عن حقيقتها، كما لو يسمى الخمر لبناً، وقصة ذات أنواط فيها البيان التام، فإنهم لم يسمونها إلا ذات أنواط، ولم يقولوا صريحاً اجعل لنا إلها، فقال عليه السلام:
"إنها السنن" (3) قلتم كما قالت بنوا إسرائيل (أجعل لنا إلها كما لهم آلهة) (4) رواه الترمذى. وكذلك عابد الشئ يسمى عبداً له بدليل الحديث الصحيح.
"تعس عبد الدينار" (5) إلى أخره فبسبب التعلق به أطلق عليه اسم
___________________
الآيتان : 75، 76 من سورة المائدة.
فى الأصلين (والطاعة) والصواب ما ذكرنا ليستقيم المعنى والله أعلم.
قلت : ولفظ الحديث عند الترمزى : عن أبى داود واقد الليثى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج الى خيبر، مر بشجر للمشركين يقال لها ذات أنواط، يعلقون عليها اسلحتهم، فقالوا : يا رسول الله أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " سبحان الله هذا كما قال قوم موسى : أجعل لنا إلها كما لهم آلهة" والذى نفسى بيده، لتركبن سنة من كان قبلكم" قال لاترمزى هذا حديث حسن صحيح أخرجه فى كتاب الفتن حديث (2180).
الآية : 138 من سورة الأعراف.
قلت : وهذا أخرجه البخارى فى صحيحة فى كتاب الجهاد : عن أبى هريرة (رضى الله عنه) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "تعس عبد الدينار وعبد الدرسهم وعبد الخميصة، إن أعطى رضى وإن لم يعط سخط تعس وانتكس، واذا شيك فلا انتفش، وطوبى لعبد أخذ بعنان فرسه فى سبيل الله، أشعث رأسه، مغبر قدماه، إن كان فى الحراسة كان الحراسة، وإن كان فى الساقة كان فى الساقة، إذ استأذن لم يؤذن له، وان شفع لم يشفع" فتح البارى حديث (2887) ,أخرجه أبن ماجه حديث (4136).

العبودبة، وقد قال ابن العربى المالكى : ان الاحكام، تعلق بمسميات الأسماء لا بألقابها، ولا بالتسمية، وقال سبحانه وتعالى فى سورة الانبياء:
(إم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون، لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون، لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون، أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معى وذكر من قبلى بل اكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) (1).













الآيات : 21 – 24 من سورة الانبياء.

البقية تباعا ان شاء الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

درجات الصاعدين الي مقامات الموحدين

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Science benha | منتديات كلية علوم بنها|خدمات علوم بنها| اسلاميات| برامج | صور| افلام | mp3 :: القسم الاسلامى :: المنتدى الاسلامى-