من رحم الحياة•••

كما هي اللحظات التي تسبق خروج المولود من رحم أمه•• كذلك هي اللحظات التي تسبق خروج مشاعرنا من أرحام قلوبنا من رحم الحياة نولد•• لنغرق في دوامتها، من رحم الأسى نولد لنتنفس التنهدات من رياح القهر•••

لتبصر أعيننا ألم الوجود•• لتنبض قلوبنا ألحان الوجع••• نولد أبرياء كما الدمعة•• ثم نعبر الحياة سريعا كما تفعل الدمعة يحين تعبر على وجوهنا، ثم لا تلبث أن تفنى وكأن شيئا لم يكن•••
عالم غامض شفاف •• تنعدم فيه ملامح الرؤية وملامح الزمان والمكان لتعيش فترة هي أشبه ما يكون بين الحياة والموت مرحلة العبور بين عالمين كلاهما أغرب من الآخر••••• ؟؟
ننمو مع الوجع، تتشتت أفكارنا، نفقد التركيز•• حينئذ لا نملك إلاّ القيود التي تكبلنا فيسجن الأقدام الزاحفة على أجسادنا•• نكبر••!
نجد الشوك قد زُرع على دروب أهدافنا، نحارب الرياح، نقتحم الجدران••• ننزف الألم •• تسيل دماء الوجع••• نحاول أن نواسي جراحنا•• تتراكم أوجاع السنين•••!
نكبر والجوع إلى الاستقرار ينخر عظامنا، فٍتات نلملمها من هنا وهناك لنستمر•• تبحر في نفوسنا الوحدة والانطواء القاتل• وبين ضباب العزلة••• ودخان الأمل•••! نسمع صدى صراخنا يصم آذاننا بين جدران الأنين••• الذي لا يتعدى باب أفواهنا•••
في قلوبنا نار تحرق كل عاطفة وأحاسيس قد تعطينا الأمل بفرح قادم... بركان هائج يحرق كل طريق نحاول أن نسلكه، كبت••• وجع مؤلم مستمر إلى ما لا نهاية، آذان صماء لا تسمع سوى صداها، عيون عمياء لا ترى سوى مداها•••
ينمو في داخلنا طفل يشيخ قبل مولده، تكبر مصاعب غربتنا عن أنفسنا، نحاول أن نزرع الأخضر من خلال حمم البراكين لنخطو خطوات نحو المجهول••• تحرقنا من جذورنا ليطفو الرماد على عظامنا••
يُسرق الأخضر من عمرنا، تتساقط أوراق الخريف الذابلة تبشرنا بنهايتنا قبل مولدنا•••!